آلام حائرة قصة لـ عصام الدين محمد أحمد
نيسان ـ نشر في 2015-11-27 الساعة 18:05
"طائرـ مفتقد الهوية ـيغرد، ينثر نغما رجراجاَ ،يعدو خماصاَ ويعود خماصاَ،يبلغ به الجوع شأو التلاشى ،يستغيث بغسق الرمق، لا أحد يسمع أو ينصت ،يتوارى ـ كالعادة ــ مبتعدا عن الأنظار ،بومة تنعق فوق برج المدينة ،تصغى الآذان لشدوها الشجى ،تتلقفها الهبات ."
هكذا قص الحكيم ـ الآبق من أسر الزمان والمكان ـ نتفا من حديث ممطوط ،تلاميذه القليلون يكفرون بنقاء أوراق الدرس ، يدعونها جانباَ ،يكسرون أقلامهم ،تتعطل حواسهم ، يغادرون المكان الموبوء بطاعون الحق والخير والجمال ،يطفئ الحكيم شعلة الوهج، يهمل قراطيسه ،يغفو :
{ تهاجمه لبوءة ،تنهش أنامله ،تبول على عقله المقرفص بين جنبات رأسه المشطورة ،تنثر سائل التشرذم داخل حجرات المضخة/القلب ،تهب رياح هوجاء،تتقاذف براد الشاى ،تكوم أتربة كالحة الأصفرارفوق الكراسات المتناثرة هنا وهناك ، تزحف الصحراء لتبتلع الفراش المنكوش ، تخمش اللبوءة جسده المسجى ."
يفيق من غفوته مذعوراَ،يجول بناظريه فاحصا محيط الغرفة الهامد ،كل شئ مطرحه ؛ رزم الأوراق ؛ محبرة ؛ قلم ؛ براد الشاى ؛ سخان مهتوم الحواف ، تقع عيناه على قنينة فارغة ؛ يتباطأ واقفاَ ،ينقع الأوراق فى دورق طافح بالمياه ، يملأ القنية بعصير الأوراق ، يسلك دورب القرية الشائكة ، الغادون والرائحون يلعنون الجنون ، يحل المساء ، يتوغل في أحراش القرية ، تحتل الأغبرة فراغ البسيطة ، تزكم الأنوف ، تعتاد الصدور الطقس البختري ، وكلاء الثور – الذي يشيل الأرض فوق قرنيه – يروق لهم الهياج المفٌتعل ، تُغلق الدور ، يناضل الحكيم الهياكل الخراسانية ، يشعل مصباح القنينة ؛ لا شئ سوى جدر صماء ، يتفوه :
- تنضح دنيا الغبار غباراً .
يتململ الثور بعنف ، يأبي الخمول ، يستطير الغبار ، خلف شرفات البناية الواسعة يقر تلاميذ الحكيم :
- الحكيم "عبيط" .
- تهدأ الطبيعة المتماوجة ، يروج سابقو عهد التلمذة :
- في أوراقنا الترياق ؛ أمبولات الشفاء .
تصفيق ، تطبيل ، تزمير ، عطب المصباح ، تراجع الي غرفته الشعثاء ، نظر إلي السقف المطنفس بنسيج العنكبوت ، نبتت في شقوق السقف أفاع متنمرة الخيانة انتوى أن يبيت ليلته ولا يخش أحداً ، فليرخ عظامه المتحفزة ، ليغمض جفنيه ، تتبأر أشعة المصبح اللا مرئية ، تخترق الأسوجة ، أحاط به النعاس ، اللمبة " العويل " تستكشف مرتكزات التفريغ المسوسة ، بات جسده كخرقة معصورة ، المشكاة تفضح التجذر الطارئ ، ينام و اقفاً علي نافخوه ، يتنسل شعره اللولب ، يفقد المصباح خاصيته .